قال لي صديقي : مرض قريب لي بمرض نفسي فأخذته وذهبت به الى رجل يقال عنه أنه يعالج من الجن فقال لنا أنه ملبوس وأن أخاه في الأرض غاضب وأخذ يدندن على رأسه بكلمات غير مفهومة وأعطي له بعض الوصفات غير أن حالته ساءت وتدهورت وأحضرناه للعلاج النفسي
قلت لصديقي: كيف تذهب به لهؤلاء الدجالين وأنت مسلم وتعرف دينك حق المعرفة وتعرف ان ذلك خطأ
قال صديقي: لكن الله قال في كتابه الكريم الكثير عن الجن وأنهم ينفعون الناس ويضرونهم ألا تؤمن يا دكتور والا تعرف ان البعض يسخرهم لأمراض الناس
قلت لصديقي: ان الله وحده هو النافع الضار أما سمعت دعاء الرسول الكريم ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ” وقول الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم ” المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز واعلم ان الأمة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعت على ان يضروك بشيء لن يضروك ألا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وطويت الصحف ” صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم
ثم إنني يا صديقي اؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واؤمن كذلك بأن الله قد خلق الجن ولكنه ليس إيمان اعتقاد بأن الجن ينفع أو يضر
قال تعالي ” وما هم بضارين به من أحد إلا بأذن الله ” ذلك ان الإيمان بقدرة الجن على النفع والضرر هو كفر بالله تعالى انظر الى قول الحق سبحانه وتعالى ” قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون “
قال صديقي: ولكن الله ذكرهم في القرآن الكريم وأنه سبحانه سخرهم لسليمان
- سورة البقرة : جزء من آية 103
- سورة سبأ : آية 41
قلت لصديقي : لقد كان الناس قبل نزول القرآن الكريم في جاهلية وضعف وبدائية وكانت لهم آمالهم التي يصعب تحقيقها وكانت هناك أيضا ظواهر في الكون لا يفهمونها وأمراض لا يعرفون أسرارها فكانوا يؤولون ذلك الى قدرات أخرى خارج قدراتهم غير ان الله تعالى عندما انزل القرآن وهو كتاب العلم والقلم والتفكر في خلقه كان لزاما ان يهيئ الإنسان الى ذلك فحجب عن الإنس عالم الجن : انظر الى قوله تعالى ” وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ” صدق الله العظيم
لقد أراد الله بمن في الأرض الرشاد والنضوج والتقدم فكان الإسلام نقطة تحول بالبشرية من الجهل الى العلم والعمل انظر الى العبد المؤمن وتفوق قدراته على الجن في قوله تعالي : قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل ان تقوم من مقامك واني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن ترتد اليك طرفك “
فأنظر يا صديقي الى الفرق بين قدرتهما تجد أن الذي لديه علم من الكتاب استطاع بقدرة الله التي تعلمها ان ينفذ في الحال ووجد سليمان عرش بلقيس أمامه قبل أن يرتد اليه طرفه – ذلك أن الله قال في حديثه القدسي : ” لا يزال عبدي يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعي بها حتى يصير عبدا ربانيا ولئن استعاذ بي لأعذته ولئن سألني لأعطيته ” وكل ذلك بعد ترقيته في درجات العلم والإيمان
ثم أن تسخير الله للجن لسيدنا سليمان كان تسخيرا بأمره تعالي ولم يكن لسواه حتى ذلك التسخير قال عنه الله تبارك وتعالي ” ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ عن أمرنا نذقه من عذاب السعير ” صدق الله العظيم
(1 سورة الجن : آية 18 – 19
- سورة النمل : آية 39 وجزء من آية 40
- جزء من آية 12
- اذن فلا مجال للجن في العمل خارج أمر الله الذي قال ” وما هم بضارين به من احد إلا بأذن الله ” ثم ان التسخير كان لأعمال ليست مستحيلة على الإنسان بل ان الإنسان قد ابدع فيها الكثير وهم هنا في هذه الآية ” يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور قد عملوا له محاريب وتماثيل وجفان وقدور ثم انظر الى تصغير وتقليل الله لقدرات الجن في قوله ” فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ” وهذا اكبر دليل على ضعف قدرات الجن وتفوق الإنسان عليها وعدم قدرة احد على تسخيرهم فوق مشيئة الله
قال صديقي : لا يا دكتور أنا اعرف صديق لي سخرهم لنفسه وتزوج منهم
قلت له : دعني أردد ما قاله الله تعالى في أمر هؤلاء الذين يعيشون في أضغاث الأحلام ويدعون على الله الكذب انظر إلى قوله تعالى تبارك وتعالى ” ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ” صدق الله العظيم فهذه أحاسيس جنسية مرضية لا يجوز استمرار الإنسان في الاستمتاع بها بل يجب عليه العلاج منها ثم انظر يا أخي إلى أولئك الذين يخافون من الجن، إن ذلك مرض وتوهم أن الجن ينفع أو يضر ولا يزيد الإنسان إلا رهقا كما يقول تبارك وتعالى ” وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ” والرهق كما قال ابن منظور في معجم لسان العرب الجزء الثالث هو جهل الإنسان أو خفه وسفه في العقل انظر إلى قوله تعالى “ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة ” وانظر إلى قوله ” خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ” وقوله تعالى ” ولا ترهقني من أمري عسرا ” وإذا ما أصاب الإنسان المرض النفسي فأنه إما أن يلجأ إلى الله ويطلب العلاج الذي خلقه الله أو أن يعتقد في أن ما أصابه هو من الجن ولا يعرض نفسه للعلاج ويزداد تبعا لذلك مرضه مصداقا لقوله تعالى ” فزادهم رهقا ” وإذا نظرنا إلي قوله تعالى ” بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون”
- سورة سبأ : آية 14
- سورة الأنعام : آية 128
- سورة الجن : آية 6
- سورة عبس : 40 41
ونستند من سورة الجن في آية 3 موقف بعضهم وإنكارهم انهم تحت سيطرة الله في قولهم ” وأنه كان يقول سفهينا على الله شططا ” والسفيه هنا هو كل من يدعي على الله من انس أو جن أنهم باستطاعتهم أن يضر أحدا أو ينفعه وهذا لا يحدث لان مشيئة الله هي التي تسبب الأسباب بل أن الله أكد على ذلك وربط بين الاعتقاد في نفعية الجن للإنس وبين الشرك به في قوله تعالى ” وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا “
ثم انظر إلى هذه الآية التي يظهر فيها الله الطريق القويم لكل إنسان حتى يشعر بالسعادة والآمان في قوله تعالى ” وأنا لما سمعنا الهدي أمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا”
ذلك أن الإيمان يذهب عن الإنسان السفه وخفة العقل وضحالة الفكر ويجعله مطمئنا انظر إلى قوله تعالى : ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب ” وذلك هو النضوج في قوله تعالى ” فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا ” وأما أولئك الجائرون المكابرون الذين ما زالوا يدعون على الله الكذب والافتراء ويدعمن قدرتهم في تسخير الجن وأولئك الذين يعتقدون فيهم ويذهبون للبحث لديهم عن علاج فقد قال الله فيهم ” وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ” فلا تكن يا صديقي من هؤلاء بل كن ممن تحروا رشاد وكن ممن قال الله فيهم ” وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ” والطبيب المؤمن يا صديقي هو الذي تحرى الرشد ودرس وتعلم وبحث وما زال يبحث عن دواء لكل علة بقول الرسول الكريم ” تداووا عبادا الله فان لكل داء دواء وإذا استعنت فأستعن بالله” واعمل معنا في ميدان الوقاية من المرض وفي ميدان البحث عن العلاج الذي خلقه الله وأودعه أرضه وعلينا التعرف عليه والاستمرار في إجراء البحوث عن فائدته وجدواه مصدقا لقوله تعالى ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ” صدق الله العظيم
- سورة الجن : آية 18
- سورة الجن : آية 13
- سورة الجن : آية 14
- سورة الجن : آية 15
- سورة الجن : آية 16
ضغوط الحياة والصحة النفسية
تشكل ضغوط الحياة عبئا نفسيا كبيرا وتعتبر التغيرات التي تحدث في حياة الإنسان بصفة مفاجئة أو تلك الغير مخطط لها إحدى العوامل التي قد تؤدي إلي المعاناة والمرض النفسي إذا لم تعالج بحرص. الجدول الآتي يوضح الأنواع الأكثر عبئا على الإنسان في تداعياتها:
اختبار هولمز – راهي للإجهاد
الحدث | النقاط | الحدث | النقاط |
1-وفاة الزوج / الزوجة | 100 | 22-مغادرة أحد الأبناء المنزل | 29 |
2-الطلاق | 73 | 23-مشاكل مع اصهارك | 29 |
3-الانفصال الزوجي | 65 | 24-انجاز شخصي هام | 28 |
4-السجن | 63 | 25-أحد الزوجين يبدأ العمل | 26 |
5-وفاة فرد من العائلة | 63 | 26-بدء أو أنهاء المدرسة | 26 |
6-اصابة أو مرض شخصي | 53 | 27-تغيير ظروف المعيشة | 25 |
7-الزواج | 50 | 28-تغيير العادات الشخصية | 24 |
8-الطرد من الوظيفة | 47 | 29-مشاكل مع رئيس العمل | 23 |
9-الصلح الزوجي | 45 | 30-تغيير ساعات / ظروف العمل | 20 |
10-التقاعد | 45 | العمل | 20 |
11-ضعف صحة أحد أفراد العائلة | 44 | 31-تغيير السكن | 20 |
12-الحمل | 40 | 33-تغيير العادات الترفيهية | 19 |
13-صعوبات في العلاقات الزوجية | 39 | 35-تغيير النشاطات الاجتماعية | 18 |
14-زيادة عدد أفراد العائلة | 39 | 36-رهن أو قرض أقل من 10,000دولار | 18 |
15-تعديل الأوضاع العمل | 39 | 37-تغيير عادات النوم | 16 |
16-تغيير الموقف المالي | 38 | 38-تغيير عدد الاجتماعات العائلية | 15 |
17-وفاة أحد الأصدقاء | 37 | 39-تغيير عادات الطعام | 14 |
18-تغيير عدد المجادلات الزوجية | 35 | 40-الاجازة | 13 |
19-رهن أو قرض أكثر من 50000 جنيها | 31 | 41-موسم الأعياد | 12 |
20-حبس الرهن أو القرض | 30 | 42-مخالفات قانونية صغيرة | 11 |
21-تغير مسؤوليات العمل | 29 | المجموع |
ان علينا ان نتجنب الإجهاد بان نعلم مراحله وأول هذه المراحل مرحلة التحذير وهي تتميز بالأعراض نفسية وجسدية تتضمن التوتر- القلق – الغضب –الاكتئاب –الخوف. يتلوا هذه المرحلة مرحلة المقاومة والتي تشمل أعراضها إنكار الشعور بالإجهاد، الشعور بالعزلة ضيق مجالات الاهتمام. ثم تظهر أعراض الإجهاد والإرهاق وهي تتضمن : فقدان الثقة بالنفس ،ارق وقت النوم ،سلوك خاطئ غير معتاد وأعراض بدنية مثل ارتفاع الضغط، المقاومة، قرحة في المعدة واختلاجات عصبية
في المراحل المذكورة أعلاه ، بالإمكان خفض تأثير الإجهاد بتمييز وتقبل مشاعر المرحلة الأولى ، وتجنب العزلة والانسحاب في المرحلة الثانية ، والبحث عن العلاج الطبي والمهني في المرحلة الثالثة